الحدث

“إطارات وتقنيون شباب رفعوا التحدّي…ومشروع الدستور الجديد جـاء لتعزيز الحـريات  وتقوية الممارسة الإعلامية”

في الذكرى الــ 58 لاسترجاع التلفزيون والإذاعة المنسّق الجهوي لإذاعات الغـرب الجزائري الدكــتـور "عـيسى بن هاشم" لـــ "الـــبـديــل" :

يونس. م

 

اعـتبر المنسّـق الجـهوي لإذاعات الغـرب الجزائري، الإعلامي الدكتور “عـيسى بن هاشم” من تلمسان أن تاريخ 28 أكتوبر 1962، المصادف لذكرى الــ 58 لاسترجاع السيادة على مبنى الإذاعة والتلفزيون تحد حقيقي رفعه الإعلاميون والتقنيون الجزائريون في ذلك الوقت، مـشيدا بالإعلاميين والتقنيين الجزائريين الـذين برهنوا عن قدراتهم التسييرية بكل احترافية بعد مغادرة الصحفيين والتقنيين الفرنسيين للمبنى وكانوا يدا واحدة تحدوهم الروح الوطنية، واستطاعـوا رفع التحدي والتغلب على الصعوبات لـضمان السير الحسن لأجهزة الإذاعة والتلفزيون واستمرار الإرسال في وقت ظن فيه الفرنسيون أن ذهابهم سيكون بمثابة الكارثة وأن الإرسال سيتعطل لمدة طويلة.

الإعــلامي الدكــتور “عـيسى بن هاشم” عمل مديرا للعديد من الإذاعات الجهوية، وهو الآن مندوب جهوي لإذاعات الغـرب، المنطقة01، لديه دكتوراه منذ سنة 2011 نالها بعد إعداده أطروحة موسومة “الإعلام الجـواري ودوره في تنمية الثقافة الفنية والإجتماعية والإقتصادية المحلية، إذاعة تلمسان أنموذجا، وعدة شهادات عليا في الثقافة الشعبية، العلوم القانونية والإدارية والعلوم الاقتصادية، كتب أكثر من 200 مقال وعشرات القصائد الشعرية والخواطر والقصص في العديد من العناوين الوطنية بعضها قيد الطبع، كما شارك في العديد من الملتقيات والندوات والمسابقات الفكرية والعلمية تحصل خلالها على عدة جوائز تقديرية وتشجيعية من بينها جائزة أحسن نص إذاعي في مهرجان اتحاد الإذاعات والتلفزيونات العربية المنظم بتونس سنة 2001، وجائزة الميكروفون الذهبي بالجزائر سنة 2007، “الـــبـديــل” التقت به في هذه المناسبة وأجرت معـه هذا الــحــوار.

 

بداية لو تعّرفون أنفسكم للقراء والجمهور، حدّثنا عن مشوارك المهني وأهم المحطّـات التي طبعت مشوارك الإعلامي؟

عـيسى بن هاشم، إعلامي وباحث أكاديمي، تحصلت على شهادة الدكتوراه سنة 2011 بعـد إعدادي أطروحة حول الإعلام الجواري السمعي ودوره في التنمية المحلية، ولي دراسات لما بعد التدرج في الإقتصاد والقانون والثقافة الشعبية والفنون.

إلتحقت بالإذاعة سنة 1993 كصحفي منشط، ثم تدرجت في المسؤولية من رئيس لقسم الإنتاج والبرمجة مكلف بالأخبار إلى مدير عدة محطات إذاعية وصولا لمنصبي الحالي كمندوب جهوي لإذاعات الغرب الجزائري، المنطقة01، كما كانت لي أيضا في بداياتي في عالم الصحافة مساهمات مع عدة صحف وطنية كمراسل صحفي من تلمسان، إلى جانب عملي كمتعاون مع محطة التلفزيون لوهران، أما في الجانب الأكاديمي، درّست في الجامعة كأستاذ متعاون ولي إسهامات متنوعة وحضور في الملتقيات والنشاطات العلمية ومختلف التظاهرات الثقافية كمحاضر ومنشط.

 

كيف كان انطباعكم حال ترقيتكم كمدير جهوي للإذاعات؟

في مساري المهني إتخذت شعار “عملك الجيد مرآة لشخصيتك”، وكان همي الوحيد وما يزال هو الإخلاص في عملي وبذل ما بوسعي لإرضاء المستمع والقارئ، وبتوفيق من الله عز وجل تمكنت من تحقيق النجاح في تخصصي، ولاشك أن هذا التميز – ولانزكي على الله أحدا- هو الذي جعل القائمين على مؤسسة الإذاعة يفكرون في ترقيتي، فتدرجت في المسؤوليات إلى أن تم ترقيتي إلى منصب مندوب جهوي لإذاعات الغرب الجزائري، المنطقة01 التي تضم إذاعات (وهران، عين تموشنت، سيدي بلعباس، معسكر وسعيدة)، وهو منصب جديد إستحدث مؤخرا لتسهيل العمل الإذاعي من خلال المرافقة والتوجيه والمراقبة قصد الرقي بالرسالة الإعلامية الهادفة، والمؤكد أنّـني كنت سعيدا بالثقة التي وضعت في شخصي خاصة أنه تم إختياري من ضمن 48 مديرا مع ستة مندوبين آخرين على المستوى الوطني.

 

كيف ترى اليوم مسؤوليتك إتجاه مستمعي الإذاعة الجهوية؟

أعـتقد أن المسؤولية قـد تضاعفت، كوني كنت سابقا مسؤولا عن محطة إذاعية واحدة، أما الآن فأنا مكلف بالتنسيق والإشراف على خمس إذاعات، إلى جانب ملاحظاتي وأرائي التي عادة ما أبديها لمسؤولي المؤسسة وإطاراتها للإستئناس بها والأخذ بها في غالب الأحيان لتطوير العمل الإذاعي، ثم إني أسعى للإطلاع على مختلف البرامج التي يعدها الزملاء في الإذاعات المذكورة آنفا من خلال الإستماع والزيارات الميدانية والتواصل اليومي معهم، ناهيك عن التقرب من الجمعيات والمجتمع المدني والشخصيات الفاعلة والعديد من المواطنين لمعرفة انطباعاتهم ومحاولة الأخذ بأرائهم التي من شأنها المساهمة في إعداد تصور لبرامج هادفة تعكس عادات وتقاليد مختلف مناطقنا وتبرز موروثنا الحضاري وثقافتنا المتنوعة وتراثنا الزاخر  .

 

هل إلتقيت بفطاحلة الإعلام خلال مسيرتك المهنية؟

من بين الإعلاميين الذين كان لهم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في مساري المهني الإعلامي “عبد الحفيظ عاصمي” المدير الأسبق لإذاعة تلمسان وهو أحد الأصوات المتميزة في الإعلام السمعي الجزائري، وكذا المرحوم “بلقاسم بن عبد الله” الكاتب الصحفي الذي كان أول من إستضافني في برنامجه الإذاعي “نادي الإبداع ” ككاتب مبتدئ وكمشروع شاعر، ومن الإعلاميين الآخرين أيضا الذين إلتقيتهم وأعجبت بهم “الأستاذ خليفة بن قـارة”، والأستاذ “عبد الرزاق جبالي” والأستاذ “نور الدين رحمون”…وغـيرهم كثير.

 

دور الإذاعات المحلية في المرحلة الراهنة، كيف ترى التحدي والرهانات المستقبلية لتطويرها؟

لاشك أنه دور كبير، لأن المستمع يثق في المؤسسة الإعلامية العمومية لما تتميز به من مصداقية وإحترافية، كما أن المسؤولين عادة ما يوفرون المادة الإعلامية للإذاعة من خلال دعوتها لتغطية مختلف النشاطات وتزويدها بالملفات والمعلومات.

الإذاعة المحلية هي المؤنس والمرافق الدائم للمستمع أينما حل وحيثما إرتحل، ومن البديهي أن يكون لقربها منه التأثير البالغ في نفسيته بالإيجاب، فهي التي توفر له المعلومة وتزوده بالمعارف وتضمن له فضاءات الترفيه والتفاعل، وفي ظل التحديات الراهنة، كان لابد من اسغلال تلك المميزات والمرونة لتمرير الرسالة ومجابهة الصعوبات، والمؤكد، أنه لابد من تعزيز مكانة الإذاعة المحلية بإيجاد آليات حديثة وتكوين أطرها تكوينا عصريا يضمن لهم التكيف السريع مع المستجدات والعصرنة والتجاوب مع المتطلبات الراهنة.

 

الوزير باشر مؤخرا في عملية تطهير قطاع الإعلام وهو تحدٍ كبير، ما تعليق على ذلك؟

أعـتقد أن قطاع الإعلام يعرف تحديات كبيرة وهو بحاجة إلى مزيد من الإصلاحات، ولاشك أن ما يقوم به الوزير الحالي الدكتور عمار بلحيمر من عمليات التطهير يأتي في هذا الإطار…إننا اليوم أمام إعلام تنموي يعتبر شريكا أساسيا في تحقيق التنمية عن طريق ما تمثله وسائل الإعلام من ثقل وما تستطيع أن تقدمه وتقوم بتنفيذه من مبادرات إعلامية وحوارات شعبية تشعر الأفراد أنهم مسؤولون ومشاركون في المشاريع التنموية، وهو ما يعني تحقيق مبدأ الإعلام الجواري في مرافقة مساعي التنمية والمساهمة في عملية المشاركة والتخطيط، وتكوين الآراء والإتجاهات، وترسيخ وترقية الثقافة الديمقراطية، وتعزيز الوحدة الوطنية…وغيرها من أوجه النشاط التنموي بما يشكل حجر زاوية لانطلاقة تنموية هادفة.

ومن الطبيعي أن تراعي المؤسسات الإعلامية خصوصيات البلد والمحيط الذي تتواجد فيه من خلال الإطلاع  على تاريخه وجغرافيتة وهويته وعاداته وتقاليده وأعرافه، وإبراز وجوه المجتمع والتعرف عن كثب على الحياة الجمعوية ومختلف أنماط المعيشة.

 

أعلن الوزير منذ توليه شؤون وزارة الاتصال عن فتح ورشات لإصلاح قطاع الإعلام، ما تعليقكم على ذلك، وهل هناك اقتراحات في هذا القطاع الحساس من وجهة نظركم؟

إصلاح قطاع الإعلام أصبح من الضروريات الملحة، وما دمنا بصدد الحديث عن ورشات إصلاح القطاع، فمن الضروري أن يفسح المجال للقائمين على الإذاعات المحلية للمشاركة في هذه الورشات قصد تكوين رؤية موحدة بأهمية الإذاعة المحلية في مواكبة ديناميكيات عملية التنمية في المجتمع إن استخدمت استخداما جيدا في توفير المعلومة، وتعبئة الطاقات، وحشد الرأي العام بالاشتراك مع غيرها من المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية لتحقيق الأهداف المنشودة على أساس أن الإعلام يشكل جزءا أساسيا من خطة التنمية الشاملة التي تعد أحد أكبر التحديات على مختلف الأصعدة.

 

صرّح وزير الاتصال في حوار لإحدى وسائل الإعلام “إن وسائل الإعلام العمومية السمعية البصرية والمكتوبة مدعوة إلى إعادة تنظيم نفسها بصفة عميقة، حسبما يقتضيه العصر ويستلزم تحديثها وتحويلها إلى مؤسسات منظمة في شكل بوابات إلكترونية توفر منتوجات متنوعة، أي عرض يقوم على النص والصوت والصورة، ما تعليقكم على ذلك بصفتكم دكتور إعلامي؟

أوافـق رأي الوزير ولكن، حتى نتمكن من تحقيق هذه الغاية لا بد من توفير المتطلبات الآتية:

العناية بمسألة التكوين الإعلامي للوصول إلى أطر إعلامية مؤهلة ومتطورة تستوعب كل ما هو طارئ وجديد، إعتماد مبدأ الكفاءة والإختصاص والمهنية العالية في كل إطلالة على الجمهور في البوابات الإلكترونية المذكورة، العناية الفائقة بالتخصصات المهنية ضمن المؤسسة الواحدة خاصة على الصعيد الإقتصادي والإداري، فنحن بحاجة ماسة إلى متخصصين إعلاميين في مجالات مهمة ومتنوعة، كما ينبغي على الإعلاميين اعتماد خطاب إعلامي عقلاني ومتطور يستجيب لحاجات الناس وينسجم مع الأهداف المنشودة، وكذا إتباع سياسية الحوار والإرتقاء بإمكانات المؤسسات الإعلامية وأدائها لمواكبة الثورة العالمية الراهنة، السعي لمعرفة ظروف الجمهور وتوجهاته، مع تلبية حاجاته المادية والمعنوية، والإهتمام بآرائه وتطلعاته والتعليق عليها والتنويه بأهميتها.

 

كيف ترى اقتراح ميثاق جزائري توافقي للأخلاقيات بهدف تسيير قطاع الصحافة؟

في كل القطاعات هناك ميثاق لأخلاقيات المهنة، ولا يخفى على أحد أن بعض ممتهني المهنة في حاجة إلى مرافقة وتوجيه والإلتزام ببعض الضوابط التي تأتي لإزالة بعض الرواسب وتوضيح الصورة الحقيقية التي ينبغي أن يكون عليها الإعلام  النزيه، وحتى لا يلتبس الأمر على قارئ هذا الحوار، فأنا هنا لا أدعو إلى تقييد الحريات، بل لضبط المهنة وأؤكد أن الحرية هي التي تخلق الإبداع، ولكن لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تمس بشخصية الغير وبثوابت الأمة وهويتها وبسلامة الوطن وسيادته.

 

تزامن واليوم الوطني للصحافة هذه السنة واسترجاع السيادة الوطنية الإذاعة الوطنية والتلفزيون والأسبوع الأخير من عمر الحملة الاستفتائية على مشروع تعديل الدستور، كيف تسهم البنود الجديدة في الوثيقة الدستورية في تقوية الممارسة الإعلامية، سواء على صعيد الحرية أو على صعيد الضوابط المهنية؟

المتعارف عليه أن مسودة الدستور قـد ساهم في إعدادها خبراء في شتى الإختصاصات، وتم مناقشتها لتصبح في شكلها الحالي كمشروع معروض على الشعب للتصويت.

والمؤكد أن أهل الإختصاص من الإعلاميين كانت لهم الكلمة  الفيصل في البنود المتعلقة بمجالهم.

والواقع فإن المشروع لم يغفل هذا الجانب المهم، من منطلق أن الإعلام هو الــنافــذة التي يطل منها المجتمع، ولا يمكن للمشرع بأي حال من الأحوال أن يغفل دور الإعلام في تنوير الرأي العام والكشف عن التجاوزات التي تضر بالمجتمع، ومشاركة المواطنين همومهم  وإهتماماتهم، دون إغفال الحريات الأساسية للأفراد وضرورة الإلتزام بالضوابط التي تفرضها أخلاقيات المهنة، وعليه، يمكن القول أن  مشروع الدستور الجديد جاء بمكاسب جديدة تنضاف إلى المكاسب المحققة سابقا.

 

كلمة ختامية؟

أشكركم، وأشكر من خلالكم جريدة “الـبديل” الغـراء على هذا اللقاء، وأهنئ أيضا بمناسبة ذكرى إسترجاع السيادة على الإذاعة والتلفزيون كل عمال المؤسستين وعمال مؤسسة البث الإذاعي، وأترحم عبر منبركم على كل ضحايا الواجب الوطني وعلى من فقدتهم الساحة الإعلامية ولكن ذكراهم وآثارهم الطيبة باقية بقاء الدهـر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق